تلفزيون السلام - فلسطين : إسلام كمال– ما زالت مشاركة المرأة الفلسطينية في القضاء الشرعي ومواقع مؤثرة في القرار، تثير الجدل في المجتمع الفلسطيني حول قدرة المرأة لشغل تلك المواقع، بيد أن رئيسة النيابة الشرعية الفلسطينية، وعضو محكمة الاستئناف الشرعية حاليًا، القاضية الشرعية صمود ضميري، تمكنت من خوض تجربتها كأنموذج نسوي ناجح وفاعل، لتزيل الشكوك التي ظلت تراود البعض إزاء جدارة المرأة في القيادة والريادة.

القاضية صمود ضميري التي تقلدت في الأيام القليلة الماضية، منصب عضو محكمة الاستئناف الشرعية، تعد المرأة الأولى التي تتقلد هذا المنصب، وأول امرأة تقلدت منصب رئاسة النيابة الشرعية في فلسطين، لتكون رافدًا لإنجاح النموذج النسوي كعضو مشارك وفاعل في الدولة الفلسطينية وخاصة في القضاء الشرعي الفلسطيني.

بطاقة شخصية

تحصلت القاضية صمود الضميري الدرجة الجامعية الأولى "البكالوريوس" في القانون من جامعة النجاح، ثم تحصلت على الدرجة الجامعية الثانية "الماجستير" في الدراسات الإسلامية من جامعة القدس، وتحصلت كذلك دبلومًا متخصصًا في المهارات القانونية من جامعة بيرزيت.

وعملت ضميري مستشارة قانونية في وزارة الداخلية ما بين عامي (2004 – 2008)، وكذلك مستشارةً قانونية في وزارة العدل ما بين عامي (2008 – 2010)، ثم  عُينت في القضاء الشرعي كقاضية عام 2010، وكُلفت برئاسة النيابة الشرعية الفلسطينية بعد ذلك، وقبل أيام صدر مرسوم بترقيتها عضوًا في محكمة الاستئناف الشرعية.

"القدس" دوت كوم، التقت القاضية ضميري، في حوار خاص، للحديث حول أبرز الخطط والمنهجيات المعدة لتعديل قانوني الأحوال الشخصية والعقوبات الفلسطينيين، ومن أجل معرفة الصعوبات التي مرت المرأة الفلسطينية بها في تجاربها بتقلد المناصب الهامة، وكيفية تغلب المرأة على تلك الصعوبات، وأبرز القضايا التي تصل إلى القضاء الفلسطيني من شتى المحافظات.

س: هناك خطة بحسب ما ذكرتكم تفيد بتعديل قانوني الأحوال الشخصية والعقوبات، في الفترة ما بين عامي 2018 -2022، فما هي التعديلات التي تشملها الخطة؟ وهل تم تطبيق شيء من تلك الخطة؟

تتعلق المسائل المنوي تعديلها في القانونين، بقضايا: الطلاق، الزواج، النفقة، المشاهدة، حقوق المرأة، حقوق الرجل، مع مراعاة الحفاظ على النسيج الأسري الفلسطيني مع تعقيدات العصر الحالية قدر الإمكان، والحفاظ على اطفال تلك الأسر في أفضل الظروف الممكنة رغم وجود النزاعات.

وفيما يتعلق بتطبيق تلك الخطة، فالمسألة ليست بالسهولة التي يظنها البعض، نحن ملزمون بوضع قانون فلسطيني قادر على التماشي مع بيئات وسلطات مختلفة، بسبب خصوصية الوضع الفلسطيني والاحتلال، فلا بد لتلك القوانين أن تتناسب وتتواءم مع كل الالتباس الذي يحدث، فالضفة لها قانون، وأهل القدس لهم قانون، ولأهل الداخل قانون، وأهل غزة قانون، وأيضًا فلسطينيو الشتات في الدول العربية غير الحاصلين على المواطنة، فلا بد من خطة لحل نزاعاتهم وتراعي حقوقهم، فكل ذلك على القانون الفلسطيني الجديد أن يقوم بمراعاته، ولذلك فهو يحتاج لمدة وتفكير وسياسة قادرة على وضعه بأفضل صورة ممكنة.

س: كيف ترين تعيينك في منصب عضو محكمة الاستئناف مؤخرًا؟

ج:  أرى هذا المنصب لدرجة الاستئناف وكعضو فاعل في هيئة الحكم طبيعيّا وجاء استحقاقاً، وهذه الترقية الأولى من نوعها التي تتلقاها سيدة في محكمة الاستئناف وهنا يشار الى الارادة السياسية الجدية في إعطاء النساء الفرص اللائقة .

س: ما الصعوبات التي تواجه المرأة الفلسطينية في الوصول إلى هذه المناصب؟

ج: رغم أن تقلد المرأة لهذه المناصب القضائية حتى العليا منها مقر من الدولة الفلسطينية تجاه المرأة كحق طبيعي، إلا أن وصول المرأة الفلسطينية الى هذه القطاعات جاء متأخرًا، وهو  نتيجة التفكير العام  السابق والتاريخي لدى المرأة والرجل في المجتمع الفلسطيني حول احتكار تلك القطاعات على الرجل دون المرأة، وحتى بعد صدور وثائق تمنح المرأة الفلسطينية حقها في المشاركة وتتصدر المراكز، فإنه لا يزال هناك عدة عوائق وصعوبات.

إن أبرز تلك العوائق والصعوبات، هي حداثة المرأة بهذه التجربة، بحكم أقدمية الرجل في هذه المجالات وسنيّن خبرته الطويلة، وتواجه المرأة صعوبات اجتماعية حول تقبل المجتمع وثقته بقدرة المرأة على شغل هكذا مناصب.

س: حدثينا عن تجربتك في المناصب التي توليتها؟

كان يوجد بعض الانتقادات اللاذعة لتقلدي هذا المنصب ولكن بالمجمل تجربتي كانت رائعة، وكان كل من حولي داعمًا لي حتى صرت في موقعي هذا، رغم بعض الصعوبات التي واجهتني في البداية حول اعتياد الزملاء على حضوري بينهم كامرأة منفردة، لكن الأمور بعد ذلك صارت سلسلة وطبيعية وأكثر تقبلًا.

في المقابل، فإن هناك تجارب لبعض الزميلات في مناطق مختلفة، كانت لهن تجارب قاسية وشديدة من خلال رفض المجتمع لتولي المرأة منصب قاضية تحاكم مشكلاته ونزاعاته، حيث قال أحدهم لزميلتي ذات مرة: "أنا ما بحكِّم مرة عليّ !".

س: كيف تردين على النمط السائد بـ"عدم شرعية" تولي المرأة مناصب في "القضاء الشرعي"؟

ج: المذهب المتبع في القضاء الشرعي لدى الدولة الفلسطينية هو المذهب الحنفي، إذ يقول المذهب الحنفي بإمكانية تولي المرأة القضاء، والحكم في النزاعات المتعلقة بالاحوال الشخصية " اي قضاء المراة جائز فيما تجوز شهادتها فيه " ، والأهم ان السماح لها بتولي القضاء مسموح بالنص القانوني وغير محال للإجتهاد الفقهي عدا انه حق دستوري .

س: ما أبزر القضايا والنزاعات الشرعية في مجتمعنا، بحسب ما يصلكم من قضايا؟

ج: إن أبرز القضايا تدور حول الضغط الاجتماعي، والضغط الاقتصادي في البطالة والفقر، والضغط السياسي، حيث يشكل الاحتلال عامًلا مهمًا بتمزيق وتفكيك الأسرة والمجتمع الفلسطيني، لكن بالطبع هناك خصوصية في نوعية وكمية المشكلات التي  تبزر بحسب كل منطقة.

ولمناطق الجنوب خصوصية في المشاكل الحدودية مع النقب والداخل المحتل، و بعض المناطق تظهر فيها مشاكل  بسبب عمالة النساء في المستوطنات، والغياب عن البيت مدة طويلة، وهناك بعض المشاكل التي تظهر في مناطق محددة تكون متعلقة بجنسية الزوجة، بحيث يتم الطمع فيها والزواج منها على أساس أخذ الجنسية والمصلحة وهكذا .

س: بماذا تنصح القاضية صمود من يواجهون مشكلات شرعية؟

ج: أنصح الجميع، نساءً ورجالًا في مجتمعنا الفلسطيني، حين يواجهون أية مشكلة، التوجه لنا بكل ثقة في قدرتنا على حل الأمور وإرجاع الحقوق لأصحابها، إن "الثقة في القانون والقضاء الفلسطيني هما المفتاح الصحيح لحل أي مشكلة" .