تلفزيون السلام - هدى حبايب - كشفت نقابة العاملين في الصناعات الغذائية والزراعية في محافظة طولكرم، عن أكبر عملية نصب وقع ضحيتها 30 عاملاً، من قبل أحد سماسرة العمال في طولكرم.

ويعمل هؤلاء العمال في مصنع (عيتس شيطيم) لصناعة ألواح الخشب، المقام في المنطقة الصناعية غرب طولكرم، والتي تضم ثمانية مصانع إسرائيلية تعمل دون رقابة، وهي: 'لوتار للنسيج، ياميت هاري للفلاتر الزراعية، ناشينال سستم لصناعة بعض أجزاء الحاسوب ولوحات بلاستيكية، مصنع للكرتون، مصنع تجميع النايلون، صول أور لإعادة استخدام اسطوانات الغاز وغاشوري للمبيدات الكيماوية وهما من أخطر المصانع على الإطلاق، إضافة على عيتس شيطيم'.

ويتراوح عدد العمال الفلسطينيين العاملين في هذه المنطقة بين 450- 500 عامل، معظمهم من محافظة طولكرم.

وعن تفاصيل عملية النصب، تحدث محمد بليدي رئيس النقابة، عضو سكرتاريا اتحاد نقابات العمال في لقاء خاص مع مراسلتنا، موضحاً أن 30 عاملاً تم فصلهم من المصنع المذكور الذي يشغل 50 عاملاً من طولكرم، توجهوا إلى النقابة من أجل تبني قضيتهم وإيجاد حلا سريعا لها، لافتاً إلى أن عمال المصنع قاموا بتشكيل لجنة عمالية لمتابعة الموضوع مطلع الشهر الجاري.

وأضاف، أن موضوعهم بدأ في 16-4-2010، عندما أخبرهم المقاول 'س،ع' باعتباره مسؤولهم ومشغلهم، بأنهم مفصولين عن العمل في المصنع، بقرار من مسؤول العمل اليهودي الذي يدعى(موشي)، وأكد لهم أن تصاريح الدخول للمنطقة الصناعية أصبحت لاغية، فما كان من العمال إلى أن توجهوا إلى النقابة من أجل رفع قضية على 'موشي' للمطالبة باستحقاقاتهم المتأخرة.

وأوضح بليدي أنه تحدث هاتفياً مع 'موشي'، وأخبره بما حدث مع العمال، وطالبه بدفع استحقاقات العمال، فما كان منه إلا أن أنكر مسؤوليته عن هؤلاء العمال، مبينا أن هؤلاء العمال يعملون عند 'س،ع'.

وأشار أن النقابة أجرت اتصالاتها مع محامي 'س،ع' نائل بيادسة، الذي أخبرها أنه حسب الأوراق الثبوتية فإن موشي هو من يعمل عند 'س.ع'، وهناك تصريح كامل من 'س.ع' يفيد بأن جميع العمال في المصنع مسؤوليته، وهو من طلب من 'موشي'، أن يستأجر له الأرض والمياه والكهرباء مقابل مبلغ معين يدفعها لموشي أي ما معناه أن اليهودي مستأجر عند 'س،ع'.

وأضاف بليدي أن العمال وقعوا جميعهم على اتفاقيات عمل مع 'س.ع' وليس مع المصنع (دون أن يعلموا)، ودليل ذلك أن 'موشي' لم يدفع لهم على الإطلاق أجورهم، وإنما 'س.ع' هو من كان يتولى هذه المهمة.

وقال، 'تحدثت مع 'س.ع' من أجل توضيح ما يجري، إلا أنه أنكر مسؤوليته، قائلاً أنه شريك مع اليهودي 'موشي'، إلا أن ذلك غير صحيح على الإطلاق، في ظل وجود أوراق تثبت عكس ما يقول'.

وأوضح أن النقابة استشارت محاميها داخل أراضي 48 إيهاب العراقي، الذي بدوره أكد أن جميع الأوراق التي قدمها العمال تشير أن المسؤول عن العمل هو 'س.ع'، كما أكدها كذلك محامي النقابة في طولكرم جاسم خليل الذي أوضح أن القضية ضد 'س.ع' وليس ضد 'موشي'، مؤكداً أنه تم رفع 30 قضية ضد 'س.ع'، وقريباً سيتم تداولها في المحكمة الفلسطينية.

وقال بليدي، إن النقابة بعثت بقضايا هؤلاء العمال، إلى 'س.ع' ووزارة العمل بطولكرم، حيث طالب العمال بدفع كافة مستحقاتهم المالية من عطل أسبوعية، وإجازات سنوية، ومكافأة نهاية الخدمة، والفصل التعسفي لكل عامل حسب فترة عمله، والأجزاء المتبقية من راتب شهر نيسان الماضي.

واعتبر بليدي أن القضية ليست قضية هذا المصنع فقط، إنما قضية جميع المستوطنات باعتبار أن المنطقة الصناعية هي منطقة استيطانية، حيث تفشى الجشع بين سماسرة العمال مستغلين ظروف البطالة التي يعيشها العمال الفلسطينيين، والضغط عليهم لإعطائهم رواتب حتى لو كانت قليلة، بعيداً عن القانون الإسرائيلي، الذي أقرته ما تسمى بـ'محكمة العدل' الإسرائيلية، ويتضمن بنود في مصلحة العامل.

وأكد بليدي، أن الورقة التي وقع عليها العمال الفلسطينيين مع المقاول تضمنت الاحتيال على حقوقهم، حيث شملت بندا يقول، أنه في حال نشب خلاف ما بين المشغل والعمال فإن عليهم التوجه لمحاكم السلطة الوطنية، ما يعني الفافا على العمال من خلال هذا المقاول الذي سمى نفسه (صاحب العمل)، وتهرباً من تنفيذ القانون الإسرائيلي وتحايلاً عليه.

وأوضح أن المقاول أجبر كل عامل على دفع مبلغ 70 شيكل من رواتبهم للسمسار( 20.7 شيكل في الساعة الحد الأدنى للأجور)، أي 2100 شيكل في الشهر، عدا عن أجرته.

وأشار بليدي أن النقابة بعثت ست قضايا إلى 'س.ع'، فقابلها بالتهديد والوعيد واللامبالاة، مشدداً أن النقابة لن تصمت وأنها ستتابع هذه القضية ورفع المزيد من القضايا على هذا السمسار.

وأعلن أن النقابة تواجه لأول مرة قضية من هذا النوع ضد السماسرة.

وأكد أن العمال لا يقعون ضحايا للنصب فقط، بل أيضاً ضحايا لحوادث عمل تؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت، كما حصل لست عمال يعملون في مصنع 'صول أور' حيث توفي 3 منهم بالحرق، والآخرين بمرض السرطان، وإصابة عامل في مصنع الكرتون ببتر في يده، وعلى الفور صدر قرار بمنعه أمنياً من دخول المنطقة تهرباً من علاجه من قبل صاحب العمل.

وشدد بليدي على أن هؤلاء السماسرة بحاجة لردع حتى يكونوا عبرة لغيرهم من المحتالين على حقوق العمال الذين أجبرتهم الحاجة إلى العمل في المستوطنات، مطالباً الحكومة والأجهزة الأمنية المختلفة بالضرب بأيد من حديد على كل سماسرة العمال المنتشرين في الضفة الذين يبتزون العمال بحقوقهم نتيجة البطالة واستغلال ظروفهم الاقتصادية السيئة، داعياً مجلس القضاء الأعلى بالبت السريع بالقضايا العمالية الخاصة بالمستوطنات.

وأعرب عن قلقه من أن تستغرق هذه القضايا سنوات وبالتالي ضياعها، وخاصة أن هناك سجل طويل من القضايا العمالية في المحاكم، أقدمها قضايا مقدمة للمحاكم منذ 1996، ولم يتم البت فيها حتى الآن.

وأشار بليدي أن هذه القضية تأتي في الوقت الذي يشهد فيه مقاطعة لمنتجات المستوطنات، والعمل بها، ولكنه في نفس الوقت شدد على ضرورة إيجاد بدائل عمل لهؤلاء العمال قبل الأول من شهر حزيران القادم، وهو التاريخ النهائي لترك العمل في المستوطنات، وإلا فإن مصيرهم سيتجه نحو المجهول.