الجمعة | 26/04/2024 - 09:19 صباحاً - بتوقيت القدس
أماه في ذكراك الأربعين
يهرم الظل في امتداد القوافي ويشيخ النسيم في حضرة التشييع .... ويمدد الوشاح ويبكي طيفك الدافئ وينعى براءة حزن .... أصل الأمومة .... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر .... رحلتي عنا وما أحوجنا إلى نورك ليبدل شيئا من نعمة ظلام السجن وقهر الزنازين...
أمي أأبكيكي ! والدمع لا يكفيكي ! أم أرثيكي والكلمات لا ولم تقدر أن توفيكي ! ويحتار الفؤاد ماذا يقول ؟ على رحيل لمسة عطفك وحنانك أيتها الأم الفلسطينية المكافحة أيتها الشهيدة بإذن الله ... يا من ذقتي معنا شتى صنوف العذاب والمعاناة كنتي تتجولين معنا من سجن إلى آخر بلا كلل أو ملل رأيتي بأم عينيكي مشاق وعناء السفر فتحملتي عنائه صبرتي على ظلم الحواجز وجور ثلل الجنود المدججين خل فالحدود ... وذلك في سبيل نثر ضيائك الوضاء وإسماعنا كلماتك التي ترسل فينا الدفئ والحنان وتزيدنا عزمنا وصبرا وجلدا فعندما كانت تنتهي الدقائق نراكي فيها من خلف الزجاج الباهت وشبك الحديد المرصوص أمامنا ونعود إلى غرفنا المغلقة والمحكوم عليها بعدم رؤية شمس النهار ( الحرية ) ..
معلمتي بالأمل والشجاعة وقوة التحمل على غطرسة الغصب ومواجهة السجان الغاشم.
فحقا يا أمي اخترقت الفواصل وطول المسافات التي بيننا لتشحننا مزيدا من شجاعة الأبطال الذين أنتي من صنع منهم رجالا وفتية آمنوا بربهم وبوظنهم فزادهم الله إيمانا وهدى ومزيدا ويقينا بعدالة قضيتهم . أربعون يوم فقط ... بعد زيارة الوداع الأخير قلتي آخر كلماتكي التي كانت خاتمهتا ذكر الله عزوجل والرضى علينا ... والدعاء لنا ولجميع الأسرى بالفرج . نعم قبلتيني رغم ما يفصلنا من حواجز وكأنكي تعلمين بغدر الموت فتسمعين أجراسه تدق أبوابنا ... فلم تودعيني سوى بنفحات قليلة الله يرضى عليك يمه اتمنى قلبي برؤياك ولكني مناي أن أرى أخوك الذي يقبع في مستشفى الرملة وفي تلك الساعة عند مفترق ضوء فجر الإثنين الذي أوقع في نفسي ثقلا متين تلاشت أحلامي وصارت وهم وسراب كسر جناحي فلم أقدر أن أطير إليكي بروح عطشة لؤية محياكي والأماني المضاءة والخبز الذي أعشق رائحته عن بعد وفنجان قهوة الصباح ... أحقا كل شيء غاب معاكي حتى البلسم الشافي ... ومهجتك النيرة بآيات الرحمن ... فلترقدي بسلام عند السلام.
أيتها الأم المؤمنة الصابرة الطاهرة الطيبة فأشهد وجسدي تصول وتجول بين حطام سجني ... بأنك سيدة عظيمة ... بأنك سيدة عظيمة ... بأنك سيدة عظيمة ...
أمي في آخر زيارة قبل بضعة أيام كنت أفتش عنك من بين جموع الزائرين فلم أجدكي لكني سمعت همسا دافئا من آيات الرحمن ( الله يجمع بيننا وإليه المصير ).
أمي .... غبتي عن عيوننا فلم تغيبي عن قلوبنا لأن طيفكي سيبقى مخلد للأبد سلوى ونورا لنا وتبقى ثقافة تربيتك نهجا نسير عليها هذا جزء يسير من وفائنا تجاهك ، وما زرعت فينا من أخلاق حميدة وقيم مثلى وحبا وعطاء تجاه كل من له حق علينا.
الاسيرين الأخوين
سعد الدين وموسى الخولي
سجن شطة
الفجر | 04:30 |
الظهر | 12:37 |
العصر | 04:17 |
المغرب | 07:16 |
العشاء | 08:45 |