السبت | 27/04/2024 - 02:22 صباحاً - بتوقيت القدس
تلفزيون السلام - حقيقةُ الأمرِ؛ أنّنَي أكتبُ هذا النص، وقلبيَّ يَتَفَطّرُ، على ما آلَ إليهِ وَضْعُ الشبابِ العربيْ، والشبابِ الفلسطينيْ بشكلٍ خاص.
وما دفعني لأكتبَ هذا النص، هو مَوْقِفٌ حَدَثَ معي، وكان هذا الموقفُ مؤلماً جداً جداً، حتى أَنني فَقَدْتُ الأَمَلَ بِكلِّ الشبابِ الصاعدِ والجيلِ القادمِ.
أود أولاً أن أَقصَّ عليْكم ما حَصَل معي، كنتُ أتصفحُ كالعادةِ صفحتي في الموْقعِ العالميِّ " FaceBook "، وطبعاً هذا الموقع، يُبيّن لك الكثير من الحقائق حوْل الناس الذين تعرفهم، شأنه شأن المنتديات وغيرهِ.
وأثناء تَصفْحي لما يُسمى " حالات المُستخدمين " أو " Status "، وهي جُمَل، يَكتبها المستخدمين لتعبّرَ عن حالَتِهم الحالية، وجدتُ " حالةً " مكتوبةً باللغةِ العربيةِ، ولكن للأسفِ بحروف انجليزية.
يبدو للكثير أنَّ هذا شيئاً عادياً، ولكن للأسف هذا مأساةٌ كبيرةٌ، وجريمةٌ نكراءٌ بحق لُغتنا العَرَبية.
فكتبتُ له، كُنتُ أَتمنْى أَن أقرأَ جُملَتَكَ، ولكنّكَ أَجبرّتني على عدم قراءتِها، ليس لأنني لا أُتقِنُ قراءةَ هذهِ اللغةِ البلهاءَ الهَجينةِ، ولكن لأنني أُنقِصُ من شأني ومن شأن لغتي العربيةِ، عنْدما أقرأ هذه الترهات.
وبعدَ أن قرأ ردي هذا رد بكل ثقةٍ " هذه الطريقة في الكتابة صراحة أسهل والغالبية بعتمدوها ... وهي لا تنقص من شأن اللغة العربية برأيي ..بل هي أفضل !"
باللهِ عليكم، أريد أَن أعرف، ما المُتعةُ المكتسبة عندما يكتبُ الشخصُ بلغةٍ بلهاءَ هجينةً تختلطُ بها الحروفُ اللاتينيةِ مع الأرقام.
أي لغةٍ هذهِ التي ليسَ لها أي قواعدَ، ولا أُسُسَ، ولا حتى صيغَةً ثَابتةً للكتابةِ؟
ربما الضغوطُ التي يتعرضُ لها فئةُ الشبابِ هذهِ، تُلقي بظلالِها على شّخصيْاتهم، فيجدون الحريةِ من خلالِ التحرّرِ من لُغَتهم العربية الأُم، فبذلكَ يؤلفونَ لَهُم قناعاً خاصاً لمواجهةِ الآخرين.
والحقيقةُ المؤلمةُ أنهم لا يُدركون أبداً مدى الأثر السلبيّ الذي تورِّثهُ هذه اللغة المستحدثةُ على لُغتِنا العربية، وما يؤثر ذلك من دمارٍ هائلٍ على كلِ ركائزِ ثقافَتِنا ولُغَتِنا.
إن ما يحدثُ الآن ليس غريباً على التاريخ، فهذا يُسمى صراع اللُغات، والذي ظهر مع ظهور أولى اللغات، وهذا ما أدى الى اندثارِ الكثيرِ من اللُغاتِ، وظهورِ لغاتٍ أُخرى على أَنقاضِها.
فهل نُدمِّرُ لُغتنا العربيةِ بأيدينا؟ باللهِ عليكم هل هذا ما تَرّمونَ إليه؟ استيْقظوا، وعوا أنّكم تُذهِبونَ بِلُغَتِنا العربيةِ نحو التَهلُكة.
لا بُدّ لنا من إعلانِ حملةً ضدَّ هذه اللُغَةِ البلهاء، وأَن نَقِفُ في وجهِ كل من يُحاولُ أن يجعل لُغتنا في طيّ النسيان.
وللأسف الشديد أقول أن هذه الثقافاتُ التافهةُ تجتاحُ السوادَ الأعظمَ من المنتدياتِ والمواقعِ العربيةِ، وأنا برأيي أن من يتحمّل هذهِ المسؤولية، هم مديري المواقعِ والمنتديات، فهم مسؤولون تجاه لغتهم وثقافتهم، فيجب أن يحموها من كل متسلل ومخرّب هدفه تدميرها.
وما يجعلنا نتألمُ أكثرَ، هو أن الشبابَ الذي يكتبَ بهذهِ اللغةِ أو يتحدثَ ويتلفّظَ بكلماتِ اللغةِ الانجليزيةِ أثناء حديثةِ، يفخر ويظن نفسه من فئة المُتحضرين.
ولا يدري بأنه يسوق نفسه نحو التهلكة، فهو بهذه الطريقة، يُعتبرَ مُنسَلِخاً عن ثقافتهِ، ومن ينسلخ عن ثقافته وأصله، فلا قيمة له.
أَضع بيْن أيديكم هذا النص، الذي كتبتهُ والحُرّقةُ تقتل قلبي وتدميه، على ما آل إليهِ مجتمعنا من ضعفٍ في الثقافة، بل انعدامٍ للثقافة، والإنسياق وراء ثقافات ما أنزلَ الله بها من سلطان.
وكُلّي أمل، بأن يكون هذا النص، هو الناقوس الذي سيدق معلناً الخطر، لديكم ولدى كل من يكتب بهذا الأُسلوب.
شادي أبو شمعة
الفجر | 04:28 |
الظهر | 12:37 |
العصر | 04:17 |
المغرب | 07:17 |
العشاء | 08:46 |