الأربعاء | 24/04/2024 - 07:15 صباحاً - بتوقيت القدس
الإقتصاد الفلسطيني بين الخمول والحلول..
د. محمد فايز زكارنة
رئيس مجلس إدارة البنك الإسلامي الفلسطيني، ورئيس مجلس إدارة مجموعة إعمار فلسطين
الاقتصاد الوطني الفلسطيني ذو منطق و خصوصية لا تنطبق على اي اقتصاد آخر في العالم، فهو ينشأ وينمو في ظل ظروف غير طبيعية وغير منطقية، وغير حرة، وهو ما يتسبب في هذا النمو البطيء فيه، وحالة الركود وعدم التوازن المنهجي في بنائه ونظرياته، ومؤسساته.
وحال الإقتصاد هذا يتطلب منا العمل الجدي والإبداعي المختلف لتجاوز أزماته، والنهوض به وذلك عبر حلول غير نمطية، تخرجه من مستوى العادي والطبيعي. فالقوالب الجاهزة لا تنجح في علاج المشكلات الصعبة التي يعيش فيها هذا الاقتصاد، إذ يجب أن يتم هيكلته بما يتناسب مع الواقع المرير الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني، والأخذ بيد المواطن المنكوب كي يستطيع أن يقف على رجليه ومن ثم المساهمة في عجلة الانتاج. كما ويجب العمل على تغير المعادلات والشروط الخاصة بهذا الاقتصاد مع الجهات ذات العلاقة، والانسلاخ رويدا رويدا عن كل التبعية والاستغلال.
من الضروري ايجاد شراكة حقيقية فعالة ما بين القطاع الخاص ومؤسسات الحكم المحلي في كافة المناطق الفلسطينية لخلق فرص استثمارية تخفف العبء عن الحكومة، وتحد من البطالة وتخلق فرص عمل لجيل الشباب الذي يعاني من البطالة وأفق مغلقة، وبالتالي يمكن تخفيف العبء الاجتماعي الناتج عن ذلك. وهو أمر يتطلب إستثمار جميع الموراد الفلسطينية في فلسطين وعدم الاستثمار في الخارج، والحد من هجرة رؤوس الاموال الخاصة والسيادية وإستثمارها داخل فلسطين في قطاعات انتاجية وتنموية.
أن الاعتماد اللانهائي على المعونات، وعلى تطوير الإقتصاد من خلاله لا يخلق استقلالا في منظومته التشغيلية ولا الإنتاجية، وهو أيضا يسبب عدم إستقلال في القرار الوطني الفلسطيني بشكل عام.
ومن هذا المنطلق أقترح المنطلقات التالية لإعادة بناء وهيكلة المنظومة الإقتصادية الفلسطينية:
1. التناغم والعمل المشترك المبني على الدراسات التخطيطية والعملية لتنفيذ مشاريع مشتركة ما بين القطاع الخاص، ومؤسسات الدولة المختلفة، ومؤسسات المجتمع المحلي أيضا، وتوفير القروض اللازمة لذلك، ويمكن أن يكون هناك نصيب للحكومة من هذه المشاريع، ولو بنسب بسيطة تساهم في دعم قطاع التعليم، والصحة، والشباب وغيرها.
2. نشر ثقافة التنافس البناء، والتخفيف من وطأة الثقافة والاعلام الخاصة بتعزيز الانماط الاستهلاكية غير الضرورية
3. الاهتمام بالصناعات الصغيرة وتشجيعها، وتوجيه السوق المحلي نحو إستهلاك السلع المحلية الصنع. وتوفير الحماية الجمركية والضريبية لما ينتج محليا.
4. إجبار البنوك عن طريق سلطة النقد إلى تخفيف وتحديد أنماط القروض الإستهلاكية، ووضع حد لها، وتوجيه الإقراض إلى دعم قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة، وهو ما يؤدي الى تخفيف استنزاف النقد الجاري في البلاد. كما ويمكن توسيع العمل المصرفي عن طريق فتح فروع لكافة البنوك الوطنية والبنوك العاملة في فلسطين مما يساعد على زيادة التنافسية وتوسيع أفق النساط التجاري، وزيادة الأيدي العاملة والموظفين.
5. دعم القطاع الزراعي بمختلف الطرق والوسائل المتاحة، سواء عن طريق إستصلاح الأراضي، وزرعها بأشجار مثمرة، أو من خلال تأسيس صندوق أو بنك إقراض زراعي لدعم المزارعين، وتوفير محطات تسويق داخلية وخارجية للإنتاج الزراعي والحيواني. كما من المهم توفير التدريب اللازم للعاملين بهذا القطاع لرفع منسوب الإنتاج.
6. العمل على تحسين القطاع السياحي داخليا وخارجيا، حيث أن فلسطين تمتليء بالإمكانيات التي تجعلها من أهم المناطق السياحية في العالم.
7. توفير الظروف الحياتية الجيدة للمواطن الفلسطيني، وخلق نظام صحي تعليمي جديد ومختلف. عبر بناء المستشفيات التخصصية الحديثة، والمدارس والجامعات.
إن الإهتمام بتطوير الإهتمام الصحي بالمواطن الفلسطيني عبر التأمين الصحي الإلزامي بالتعاقد مع شركات التأمين المحلية والدولية يخفف من وطأة العلاج على الدولة، وكذلك يحد من الإرهاق الكبير الذي يتسببه ملف العلاج في الخارج على موازنة الصحة الفلسطينية.
8. توجيه قطاع الشباب إلى الإنتاج الفاعل والحقيقي في المجتمع، عبر دراسة الحاجيات المجتمعية في التعليم والتخصص، وخلق فرص منح إقراضية لإنشاء مشاريع شبابية صغيرة، وتوفير المنح التعلمية التخصصية في مجالات علمية وأدبية متنوعة.
أدرك أن هذه الحلول النظرية تحتاج إلى وقت وجهد ومثابرة حتى تصبح حلولا واقعية، خصوصا إن نظرنا إلى الإحتلال كعامل ثابت يقف في وجه عملية التنمية والتطوير الفلسطينية بمختلف مجالاتها. ولكن يمكن للفلسطيني دوما أن يكون قادرا على حمل راية التغيير الحقيقي لما هو أفضل لنا جميعا.
الفجر | 04:32 |
الظهر | 12:38 |
العصر | 04:17 |
المغرب | 07:15 |
العشاء | 08:43 |