في أربعينية صديق عمري
عكرمة ثابت

قبل اربعين يوما ، وفي فجر الأول من اكتوبر 2013 ، فجعنا جميعا بوفاة أخا عزيزا على قلوبنا الا وهو الاخ الحبيب والصديق الرائع إبن المؤسسة الأمنية والضابط المهني الخلوق في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني عقيد " اسامه إستيته – ابو محمد " ، فقد كان لخبر وفاته رحمه الله وقع كبير وأليم على قلوب الكثيرين ممن عرفوه وعاشروه وعملوا معه ولما كان يتصف به من خلق حسن وقلب طيب ومحب للناس والمجتمع ، وقد كانت لفاجعة رحيله صدمة أليمة لي أنا شخصيا للعلاقة التي كانت بيننا ولصداقتنا الطويلة الممتدة من ايام الدراسة الى سنوات العمل والزمالة وإنتهاءا بأيام المرافقة له في رحلة علاجه من المرض .
ليس هناك أشد ايلاما على النفس من ان تقف مصدومة مفجوعة بوفاة صديق عزيز دافيء في حديثه ووفي في معشره كأسامه ... آه يا " ابا محمد " كم آلمنا رحيلك المبكر وكم ابكانا فراقك المؤلم !!! أصحيح أن الموت قد غيبك عنا يا صديقي ؟؟!! أصحيح أنك رحلت بهذه السرعه حاملا معك ابتسامتك المعهوده ؟؟ّ!! لقد صارعت المرض وحيدا وعانيت الأمرين على الرغم من وقوفنا الى جانبك في تفاصيل مرضك ولكن للموت جلال ايها الراحل الحبيب ... كم تعودت ان اتكلم معك يا صديقي - يا اخي - اتذكر عندما كنت معك في رحلة العلاج كيف كنا نتحدث ونتناقش ؟؟!! وكيف كان الامل مغروسا فينا بانك سوف تنتصر على مرضك الخبيث ؟؟!! كنت دائما تقول لي – والإبتسامة لا تفارق وجهك - انا اليوم أحسن من الأمس ، وبتفاؤلك كنت تقتل خوفي وحزني عليك .
نعم كنا جميعا نصارع معك هذا المرض العدو محاولين هزمه والقضاء عليه ، إلا أنه وللاسف كان أشرس مما توقعنا وكان أقوى منا جميعأ وتمكن منك ليخطفك من بيننا ويغيّبك عنا ، كان أملي ان اعطيك القوة لتستمر لكي تقهر المرض وتبقى معنا ، لم يخطر ببالي انه حتى الوداع لن احظى به ... لكنك يا صديقي سوف تبقى خالدا في قلوبنا جميعا وحاضرا بماضيك الأصيل وسيرتك المشّرفه .
اليوم ، وبعد مرور اربعين يوما على الثلاثاء الاسود – يوم رحيلك القاسي المفجع - تختلط مشاعرنا بالبكاء والأنين ويحترق القلب حسرة ولوعة ... اليوم يا صديق عمري تنحبس أنفاسي ويتعثر نطقي ويغزو كياني الوجع والألم على فراقك ... اليوم لا أجد في كل عبارات الوصف ما يليق بوصفك وأقف عاجزا أمام سيرتك الطيبة لأنتقي الكلمات عساني أغطي مساحة غيابك بالحروف ، ماذا عساني أن اقول وأي الكلمات انتقي وأي الخصال أصف ، ومن أي سنة ابدأ وبأي عام انتهي ؟؟!! فكيف أنسى تلك الايام التي قضيناها معا ؟؟!! اتذكرك في كل لحظة اتذكر هدوئك وتواضعك وخجلك ونظرات عينيك ...اتذكرك وكلي اشتياق لجلساتك الممتعة ولأحاديثك الشيقة ...كلي إشتياق لضحكتك ولخفة روحك المبدعة ... نعم الأخ كنت ونعم الصديق كنت ، وبذلك يعرفك الناس وتشهد لك الايام .

هذا اليوم مّر في فمي وقاس جدا على مخيلتي ، كيف لا ويوم اربعينيتك يا رفيق دربي يتزامن مع الذكرى التاسعة لرحيل قائد مسيرتنا النضالية والثورية وحارس حلمنا الوطني ياسر عرفات " ابو عمار " ، ومع ذكرى الاربعين لرحيل المربي الفاضل الاستاذ " صلاح الدين نجيب " رئيس بلدية عنبتا رحمه الله ، أهي صدفة ام أنها عادة الكبار حين يرحلون بصمت وبدون ضجيج ؟؟!! انا اليوم يا صديقي لا ابكيك بل ابكي نفسي لأنك تركتني ولم اتمكن من القاء نظرة الوداع عليك ، وكل ألمي ودموعي لأنني لن اراك بعد اليوم في دنياي .... هي مشيئة الله ان اكون احد زوار بيته العتيق وحجاج هذا العام لذلك لم استطع القاء نظرة الوداع الاخيره عليك , عزائي يا " اسامه " أنك كنت معي هناك في رحاب المسجد النبوي الشريف وفي الطواف في صحن الكعبة المشرفة ... عزائي يا فقيدنا الغالي أن ذكراك الطيبه وذكرياتك الجميلة ستبقى معي ما حييت ... سنذكرك مثالا للإنسان الودود المكافح وصاحب المواقف الوطنيه والاجتماعيه المشرفه .
اللهــــم ، إنَّ عبدك " أسامه " في ذمتك وحبل جوارك فقِهِ فتنة القبر وعذاب النار ، وأنت اهل الوفاء والحق ، فاغفر له و ارحمه ، إنك أنت الغفور الرحيم ... اللهــــم اجعله في بطن القبر مطمئناً ، وعند قيام الأشهاد آمناً ، وبجود رضوانك واثقاً ، وإلى أعلى علو درجاتك سابقاً ... اللهم الهم زوجته وابنائه وإخوانه وجميع أهله الصبر والسلوان ، وأعنهم على فراقه وأجعله من أهل الجنة ... اللهم آمين .