البلدة القديمة في الخليل.. ثبات مستمر في وجه الأخطبوط الاستيطاني

تقرير عبد القادر سلمي

تقع البلدة القديمة في مدينة الخليل بمحاذاة الحرم الابراهيمي الشريف , وهي عبارة عن أزقة ودكاكين وبيوت قديمة سكنها الاجداد الفلسطينيون منذ القدم , وما إن تذكر البلدة القديمة حتى تقفز إلى الذاكرة مجزرة الحرم الابراهيمي وتبعاتها، والتي أدت إلى تضييق الخناق على البلدة القديمة، وإشتداد الحصار والسيطرة الاسرائيلية، إضافة لتصاعد عربدة المستوطنين في بلدة الخليل القديمة.

يقول العضو في جمعية ابراهيم الخليل الاستاذ هاشم عزة "فرض الحصار على البلدة القديمة بعد الاحتلال الاسرائيلي عام 1967م مباشرة بإنشاء مستوطنة "كريات اربع" وبعد ذلك اطلق المستوطنون برنامجهم الاستيطاني الممنهج بالاعتداء على المواطنين وتخريب الممتلكات العامة (محلات تجارية) وبدعم من قوات جيش الاحتلال" , ولفت عزة إلى ان الاحتلال عاقب المواطنين بفرض حظر التجوال عليهم والاستيلاء والسيطرة على أسطح منازلهم وتحويلها الى ثكنات عسكرية بحجج أمنية واهية , مشيراً إلى تشييد الاحتلال لمستوطنة "بيت هداسا" عام 1976 في قلب البلدة بعد استيلاء المستوطنين وقوات من الجيش الاسرائيلي على مبنى الدبويا وهو عبارة عن مدرسة تابعة لوكالة الغوث الدولية ووضع الجيش حواجز لإعاقة حركة وتنقل المواطنين، وأوضح عضو جمعية ابراهيم الخليل أن قرار الحكومة الاسرائيلية في ذلك الوقت اعتبر "بيت هداسا" مستوطنة شرعية قانونية وفي 1980 استولى الاحتلال مرة اخرى على مبنى اخر وهو مدرسة اسامة بن المنقذ ونجح في تحويلها إلى مستوطنة اطلق عليها اسم "بيت رومانو" ومن ثم مستوطنة "رامات ايشاي" في تل الرميدة ليصبح قلب المدينة محاصر تماما بدائرة استيطانية محكمة الاغلاق.

توالت الاحداث البشعة التي حلت على الشعب الفلسطيني , ففي عام 1994 حل شبح الموت على المصلين في الحرم الابراهيمي بارتكاب مذبحة بشعة بحقهم بقيادة الطبيب فاقد الإنسانية ياروخ جولدستين بالتعاون مع عصابة من المستوطنين وقوات الاحتلال , حيث بادر بإطلاق النار على المصلين ليرتقِ على أرض الحرم الشريف 29 شهيدا و150 مصابا قبل ان ينتفض عليه المصلون ويمزقونه اربا حتى الموت ليغلق بعد ذلك شارع الشهداء وسوق الخضار اغلاقا تماما وتحويله تارة اخرى الى مستوطنة اسمها "ابراهم افينيو" .

واشار هاشم عزة إلى أن مرحلة اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الاقصى) عام 2000م شهدت تطبيق قوات الاحتلال لشكل اخر من العذاب والتنكيل بفرض حظر التجوال 3 سنين متواصلة دون فك الحظر ولو لدقائق , إضافة لتضييق الخناق على سكان البلدة من خلال الاقتحامات الليلية المفاجئة التي ترعب الصغير والكبير, واطلاق النار واعتداءات المستوطنين غير الشرعية بتخريب البيوت والاعتداء على سكانها.

ولفت هاشم عزة الى أن ممارسات المستوطنين الباطلة متعددة الأساليب حيث يهجمون بشكل شبه يومي على السكان وبيوتهم بمرافقة قوات من جيش الاحتلال وتحت حمايته، في محاولة منهم لإرعاب المواطنين وتخويفهم من أجل افراغ البيوت من سكانها الاصليين وتركها لهم يقطنون بها او تحويلها مستوطنات كما تم في السابق , لكن كانت المقاومة السلمية الداعم الاكبر في تعزيز صمود المواطنين وعدم تركهم لأرضهم وبيوتهم من خلال النشاطات الاجتماعية والنفسية القاهرة والمعذبة لنفسية الاحتلال وكلابه المستوطنين.

في ظل هذا التعتيم الاعلامي والحكومي وغياب دعم المنظمات الدولية في نقل صورة معاناة سكان البلدة القديمة في الخليل، يأبى الخليلون إلا الوقوف في وجه المستوطنين وقوات الاحتلال بالمرصاد، ساعين لإحباط كل مؤامراته ومخططاته، لإيصال رسالة واحدة مفادها، هنا الخليل، وليرحل الغابرون.